والثاني أكثر ما يتعدى إلى مفعولين، كقوله:{إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا}[الزخرف: ٣]، وأُطلق على العبد بالمعنى الثاني خاصّة، كقوله:{وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا}، وغالب ما يُستعمل في حق العبد في جَعْل التسمية والاعتقاد، حيث لا يكون له صُنْع في المجعول، كقوله:{وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا}[الزخرف: ١٩]، وقوله: {(٥٨) قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا} [يونس: ٥٩]، وهذا متعدٍّ إلى واحد، وهو جَعْل اعتقادٍ وتسمية.
وأما الفعل والعمل فإطلاقه على العبد كثير، {لَبِئْسَ مَا كَانُوا}[المائدة: ٧٩]، {لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[المائدة: ٦٢]، {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[المائدة: ١٠٥].
فتأمل قوله:{كُنَّا فَاعِلِينَ} في هذين الموضعين المتضمنين للصنع العجيب الخارج عن العادة: كيف تجده كالدليل على ما أخبر به، وأنه لا يستعصي على الفاعل حقيقة، أي: شأننا الفعل، كما لا يخفى الجهر والإسرار بالقول على من شأنه العلم والخبرة، ولا تصعب المغفرة على من