للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقدرون على الاستجابة بعد ذلك.

ويشبه هذا ــ إن لم يكن هو بعينه ــ قوله: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا جَّاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا (١)} [يونس: ١٣]، وفي موضع آخر: {تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَد جَّاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ (٢) كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ} [الأعراف: ١٠١].

وفي هذه الآية ثلاثة أقوال، هذا أحدها، قال أبو إسحاق: هذا إخبار عن قوم لا يؤمنون، كما قال عن قوم (٣) نوح: {نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ} [هود: ٣٦]، واحتج على هذا بقوله: {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ} [الأعراف: ١٠١]. قال: وهذا يدل على أنه قد طبع على قلوبهم (٤).

وقال ابن عباس: "فما كان أولئك الكفار ليؤمنوا عند إرسال الرسل بما كذبوا يوم أخذ ميثاقهم، حين أخرجهم من ظهر آدم فآمنوا كُرْهًا، وأقرّوا باللسان، وأضمروا التكذيب" (٥).

وقال مجاهد: "فما كانوا ــ لو أحييناهم بعد هلاكهم ــ ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل هلاكهم" (٦).


(١) "د" "م": {فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ}، كأنه انتقال نظر للآية الآتية.
(٢) في "د" "م": {بما كذبوا به من قبل} بزيادة "به" سهوًا.
(٣) "قوم" ساقطة من "م"، والجملة مسوقة بتصرف من المصدر.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" (٢/ ٣٦١).
(٥) حكاه الثعلبي في "الكشف والبيان" (٤/ ٢٦٥)، وانظر: "معالم التنزيل" (٣/ ٢٦١).
(٦) أورده في "الكشف والبيان" (٤/ ٢٦٦)، والتعليق الذي يليه من كلام مجاهد في تفسيره، انظر: التفسير المنسوب إلى مجاهد (٣٤٠)، "جامع البيان" (١٠/ ٣٣٨).