للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واتخاذ الأنداد من دونه، فما (١) احتجيتم به من المشيئة على ما أنتم عليه من الشرك هو من أظهر الأدلة على بطلانه وفساده.

فلو أنهم ذكروا القدر والمشيئة توحيدًا له، وافتقارًا والتجاءً إليه، وبراءة من الحول والقوة إلا به، ورغبة إليه أن يقيلهم مما لو شاء أن لا يقع منهم لما وقع= لنفعهم ذلك، ولفتح لهم باب الهداية، ولكن ذكروه معارضين به أمره، ومبطلين به دعوة الرسل، فما ازدادوا به إلا ضلالًا.

والمقصود أنه سبحانه قد فرّق بين محبته ومشيئته، وقد حكى أبو الحسن الأشعري في "مقالاته" (٢) اتفاق أهل السنة والحديث على ذلك، والذي حكى عنه ابن فُوْرَك في كتاب "تجريده لمقالاته" أنه كان لا يفرق بين ذلك، قال: "وكان لا يفرق بين الودّ والحبّ والإرادة والمشيئة والرضا، وكان لا يقول: إن شيئًا منها يخص بعض المرادات دون بعض، بل كان يقول: إن كل واحد منها بمعنى صاحبه على جهة التقييد الذي يزول معه الإيهام (٣)، وهو أن المؤمن محبوب لله أن يكون مؤمنًا من أهل الخير كما علمه، والكافر أيضًا مراد أن يكون كافرًا كما علمه من أهل الشر، ومحب أن يكون ذلك كذلك كما علم.

وكذلك كان يقول في الرضا والاصطفاء والاختيار، ويقيد اللفظ بذلك حتى لا يتوهم فيه الخطأ" (٤) انتهى.


(١) "م": "مما"، وهي محتملة في "د".
(٢) "مقالات الإسلاميين" (٢٩٤).
(٣) "م": "الإبهام"، وأهملت في "د"، والمثبت من مصدر القول، وسيأتي ما يعززه.
(٤) "مجرد مقالات الأشعري" (٥٢).