للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم أخبر عن القدر الذي هو نظام التوحيد، فقال: {فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمِ الضَّلَالَةُ} [الأعراف: ٣٠].

فتضمّنت الآية الإيمان بالقدر والشرع، والمبدأ والمعاد، والأمر بالعدل والإخلاص.

ثم ختم الآية بذكر حال من لم يصدّق هذا الخبر، ولم يطع هذا الأمر؛ بأنه قد والى الشيطان دون ربّه، وأنه على ضلال وهو يحسب أنه على هدى، والله أعلم.

فصل (١)

وقال آخرون: معنى قوله: «كل مولود يولد على الفطرة» أنّ الله فطرهم على الإنكار والمعرفة، وعلى الكفر والإيمان، فأخذ من ذرية آدم الميثاق حين خلقهم فقال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ}؟ قالوا جميعًا: {بَلَى} [الأعراف: ١٧٢]، فأما أهل السعادة فقالوا: بلى على معرفة له طوعًا من قلوبهم، وأما أهل الشقاء فقالوا: بلى كرهًا غير طوع.

قالوا: ويصدّق ذلك قوله تعالى: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [آل عمران: ٨٣].

قالوا: وكذلك قوله: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (٢٩) فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمِ الضَّلَالَةُ} [الأعراف: ٢٩ - ٣٠].

قال محمد بن نصر المروزي: سمعت إسحاق بن راهويه يذهب إلى


(١) انظر: «التمهيد» (١٨/ ٨١)، «درء التعارض» (٨/ ٤١٣).