للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا المعنى، واحتج بقول أبي هريرة: اقرؤوا إن شئتم: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: ٣٠].

قال إسحاق: يقول لا تبديل للخلقة التي جُبِل عليها ولد آدم كلهم، يعني من الكفر والإيمان، والمعرفة والإنكار.

واحتج بقوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ} الآية [الأعراف: ١٧٢].

قال إسحاق: أجمع أهل العلم أنها الأرواح قبل الأجساد، استنطقهم وأشهدهم على أنفسهم: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: ١٧٢]، قال: انظروا ألا تقولوا: إنا كنّا عن هذا غافلين، أو تقولوا: إنما أشرك آباؤنا من قبل.

وذكر حديث أبي بن كعب في قصة الغلام الذي قتله الخضر، قال: وكان الظاهر ما قال موسى: أقتلت نفسًا زاكيةً بغير نفس؟! فأعلم الله الخضر ما كان الغلام عليه في الفطرة التي فطره عليها، وأنه لا تبديل لخلق الله، فأمر بقتله؛ لأنه كان قد طُبِع كافرًا.

وفي «صحيح البخاري» (١) أن ابن عباس كان يقرؤها: «وأما الغلام فكان كافرًا وكان أبواه مؤمنين».

قال إسحاق: فلو ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس ولم يبيّن لهم حكم الأطفال لم يعرفوا المؤمنين منهم من الكافرين؛ لأنهم لا يدرون ما جُبِل كل واحد عليه


(١) ضمن حديث رقم (٣٤٠١).