للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الثاني

في تقدير الرب تبارك وتعالى شقاوةَ العباد وسعادتَهم وأرزاقَهم وآجالَهم وأعمالَهم قبل خلقهم، وهو تقدير ثانٍ بعد التقدير الأول

عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: كنّا في جنازة في بَقِيع الغَرْقَد، فأتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقعد وقعدنا حوله، ومعه مِخْصَرة (١)، فنكَّسَ فجعل يَنْكُتُ بمِخْصَرته، ثم قال: "ما منكم من أحد، ما من نفس مَنْفُوسة إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار، وإلا قد كتبت شقية أو سعيدة". قال: فقال رجل: يا رسول الله، أفلا نمكث على كتابنا، وندع العمل؟ فقال: "من كان من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة، ومَن كان من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة"، ثم قرأ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ} [الليل:٥ - ١٠].

وفي لفظ: "اعملوا فكل ميسَّر، أما أهل السعادة فيُيَسَّرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فيُيَسَّرون لعمل أهل الشقاوة"، ثم قرأ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ} (٢).

وعن عمران بن حُصين قال: قيل: يا رسول الله، أَعُلِم أهلُ الجنة من


(١) المِخْصَرة: ما يختصره الإنسان بيده فيمسكه أو يتكئ عليه من عصا أو عكازة ونحوها، "النهاية في الغريب" (خصر) (٢/ ٣٦).
(٢) أخرجه البخاري (١٣٦٢)، ومسلم (٢٦٤٧) واللفظ له.