للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأوهام باطلة، تولّدت من بين أفكار باطلة، وآراء مظلمة، فنقول وبالله التوفيق، وهو المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا به:

الربّ تبارك اسمه وتعالى جَدّه ولا إله غيره هو المنعم على الحقيقة بصنوف النعم التي لا يحصيها أهل سماواته وأرضه، فإيجادهم نعمة منه، وجعلهم أحياء ناطقين نعمة منه، وإعطاؤهم الأسماع والأبصار والعقول نعمة منه، وإدرار الأرزاق عليهم على اختلاف أنواعها وأصنافها نعمة منه، وتعريفهم نفسه بأسمائه وصفاته وأفعاله نعمة منه، وإجراء ذكره على ألسنتهم ومحبته ومعرفته على قلوبهم نعمة منه، وحفظهم بعد إيجادهم نعمة منه، وقيامه بمصالحهم دقيقها وجليلها نعمة منه، وهدايتهم إلى أسباب مصالحهم ومعاشهم نعمة منه. وذِكْر نعمه على سبيل التفصيل لا سبيل إليه، ولا قدرة للبشر عليه.

ويكفي أن النّفَس من أدنى نعمه التي لا يكادون يعتدّون بها، وهو أربعة وعشرون ألف نَفَس في كل يوم وليلة، فلله على العبد في النّفَس خاصة أربعة وعشرون ألف نعمة كل يوم وليلة، دع ما عدا ذلك من أصناف نعمه على العبد.

ولكل نعمة من هذه النعم حق من الشكر يستدعيه ويقتضيه، فإذا وُزّعت طاعات العبد كلها على هذه النعم لم يَخْرُج في قسط (١) كل نعمة منها إلا جزءًا يسيرًا جدًّا، لا نسبة له إلى قدر تلك النعمة بوجه من الوجوه.

قال أنس بن مالك: "يُنشر للعبد يوم القيامة ثلاثة دواوين: ديوان فيه


(١) "د": "لم يخرج قسط".