للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم نبّهَ على ما أصاب ثمود من ذلك بأنهم اقترحوا الناقة، فلمّا أُعطوا ما سألوا ظلموا ولم يؤمنوا، فكان في إجابتهم إلى ما سألوا هلاكُهُم واستئصالُهُم.

ثم قال: {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} [الإسراء: ٥٩]، أي: لأجل التخويف، فهو منصوب نصب المفعول لأجله.

قال قتادة: «إنّ الله يخوّف الناس بما شاء من آياته لعلهم يُعْتِبون أو يذّكرون أو يرجعون» (١).

وهذا يعم آياته التي تكون مع الرسل، والتي تقع بعدهم في كل زمان، فإنه سبحانه لا يزال يُحْدِث لعباده من الآيات ما يخوّفهم بها، ويذكّرهم بها.

ومن ذلك قوله: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الأنعام: ٣٧]، أي لا يعلمون حكمته تعالى ومصلحة عباده في الامتناع من إنزال الآيات التي يقترحها الناس على الأنبياء، وليس المراد أنّ أكثر الناس لا يعلمون أنّ الله قادر؛ فإنه لم ينازع في قدرة الله في الجملة أحد من المقرّين بوجوده سبحانه، ولكن حكمته في ذلك لا يعلمها أكثر الناس.

فصل

النوع العاشر: إخباره عن الحِكَم والغايات التي جعلها في خلقه وأمره، كقوله: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ


(١) أخرجه الطبري (١٤/ ٦٣٨).