للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا المعنى حق، ولكن كونه هو المراد بالآية ليس بالبيّن؛ فإن الناس كلهم لا يسلكون الصراط المستقيم حتى يقال: إنهم يصلون بسلوكه إليه، ولما أراد سبحانه هذا المعنى قال: {إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ} [يونس: ٧٠]، {(٢٤) إِنَّ إِلَيْنَا} [الغاشية: ٢٥]، {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: ١٤]، {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} [النجم: ٤٢].

وأما وصفه سبحانه بأنه على صراط مستقيم فهو كونه يقول الحق، ويفعل الصواب، فكلماته صدق وعدل، وفعله كله صواب وخير، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، فلا يقول إلا ما يُحمد عليه، ولا يفعل إلا ما يُحمد عليه؛ لكونه حقًّا وعدلًا وصدقًا وحكمة في نفسه، وهذا معروف في كلام العرب.

قال جرير يمدح عمر بن عبد العزيز:

أمير المؤمنين على صراطٍ ... إذا اعوجَّ المواردُ مستقيمِ (١)

إذا عُرف هذا، فمن ضرورة كونه على صراط مستقيم أنه لا يفعل شيئًا إلا لحكمة يُحمد عليها، وغاية هي أولى بالإرادة من غيرها، فلا تخرج أفعاله عن الحكمة والمصلحة والإحسان والرحمة والعدل والصواب، كما لا تخرج أقواله عن العدل والصدق.

فصل

النوع السابع عشر: حَمْدُه سبحانه لنفسه على جميع ما فعله، وأمْرُه


(١) «ديوان جرير» بشرح ابن حبيب (١/ ٢١٨).