للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن هذا قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: ٣٦]، وقوله تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا} [الأعراف: ١٥٥]، أي: اختار منهم.

وبهذا يحصل جواب السؤال الذي تورده القدرية، وهو: ما تقولون في الكفر والمعاصي: هل هي واقعة باختيار الله أم بغير اختياره؟

فإن قلتم: باختياره؛ فكل مختار مرضي مصطفى محبوب، فتكون مرضية محبوبة.

وإن قلتم: بغير اختياره؛ لم تكن بمشيئته واختياره.

وجوابه أن يقال: ما تعنون بالاختيار؟ تعنون به الاختيار العام في اصطلاح المتكلمين، وهو المشيئة والإرادة، أم تعنون به الاختيار الخاص الواقع في القرآن والسنة وكلام العرب؟

فإن أردتم بالاختيار الأول، فهي واقعة باختياره بهذا الاعتبار، ولكن لا يجوز أن يُطلق ذلك عليها؛ لما في لفظ الاختيار من معنى الاصطفاء والمحبة، بل يُقال: واقعة بمشيئته وقدرته.

وإن أردتم بالاختيار معناه في القرآن ولغة العرب، فهي غير واقعة باختياره بهذا المعنى، وإن كانت واقعة بمشيئته.

فإن قيل: فهل تقولون: إنها واقعة بإرادته، أم لا تطلقون ذلك؟

قيل: لفظ الإرادة في كتاب الله نوعان:

إرادة كونية شاملة لجميع المخلوقات، كقوله تعالى: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ... }