للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجامع العدل كما لا يجامع الشرع والتوحيد.

قال الجبري: لقد نطقتَ أيها السني بعظيم، وفهْتَ بكبير، وناقضتَ بين متوافقَيْن، وخالفتَ بين متلازمَيْن؛ فإن أدلة العقول، والشرع المنقول، قائمة على الجَبْر، وما دلّ عليه العقل والنقل كيف ينافي موجب الشرع والعقل؟!

فاسمع الآن الدليل الباهر، والبرهان القاهر على الجَبْر، ثم نتبعه بأمثاله (١)، فنقول:

صدور الفعل عند حصول القدرة والداعي: إما أن يكون واجبًا أو لا يكون واجبًا، فإن كان واجبًا كان فعل العبد اضطراريًا، وذلك عين الجَبْر؛ لأن حصول القدرة والداعي ليس للعبد (٢)، وإلا لزم التسلسل، وهو ظاهر. وإذا كان كذلك فعند حصولهما يكون الفعل واجبًا، وعند عدم حصولهما يكون الفعل ممتنعًا، فكان (٣) الجَبْر لازمًا لا محالة.

وأما إن لم يكن حصول الفعل عند حصول القدرة والداعي واجبًا: فإما أن يتوقف رجحان الفعل على رجحان الترك على مرجِّح، أو لا يتوقف، فإن توقف كان حصول ذلك الفعل عند حصول المرجِّح واجبًا، وإلا عاد الكلام، ولزم التسلسل، وإذا كان واجبًا كان اضطراريًا، وهو عين الجَبْر، وإن لم يتوقف على مرجِّح كان جائز الوقوع وجائز العدم، فوقوعه بغير مرجِّح يستلزم حصول الأثر بلا مؤثِّر، وذلك محال.


(١) "د" "ج": "بأمثال"، والمثبت من "م".
(٢) "د" "ج": "بالعبد"، والمثبت من "م".
(٣) "د" "م": "وكان"، والمثبت من "ج".