للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلتَ: المرجِّح هو إرادة العبد.

قلتُ لك: إرادة العبد حادثة، والكلام في حدوثها كالكلام في حدوث المراد بها، ويلزم التسلسل.

قال السني: هذا أحدّ سهم في كنانتك، وهو بحمد الله سهم لا ريش له ولا نصل مع عوجه، وعدم استقامته، وأنا أستفسرك عما في هذه الحجة من الألفاظ المجملة المشتملة على حق وباطل، وأبين لك فسادها.

فما تعني بقولك: إن كان الفعل عند القدرة والداعي واجبًا كان فعل العبد اضطراريًا، وهو عين الجَبْر؟

أتعني به: أنه يكون مع القدرة والداعي بمنزلة حركة المرتعش، وحركة من نفضته الحمّى، وحركة من رُمِي به من مكان عالٍ، فهو يتحرك في نزوله اضطرارًا منه؟ أم تعني به: أن الفعل عند اجتماع القدرة والداعي يكون لازم الوقوع بالقدرة والداعي؟

فإن أردتَ بكونه اضطراريًا المعنى الأول: كذبتك العقول والفطر والحسّ والعيان؛ فإن الله فطر عباده على التفريق بين حركة مَن رُمِي به من شاهق، فهو يتحرك إلى أسفل، وبين حركة مَن يرقى في الجبل إلى علوه، وبين حركة المرتعش، وحركة المصفّق، وبين حركة الزاني والسارق والمجاهد والمصلي، وحركة المكتوف الذي قد أوثق رباطًا وجُرّ على الأرض. فمن سوَّى بين الحركتين فقد خلع ربقة العقل والفطرة والشِّرْعة من عنقه.

وإن أردتَ المعنى الثاني، وهو كون الفعل لازم الوجود عند وجود