للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يشاء إلا خيرًا، ولو شاء لفعل غير ذلك، ولكنه تعالى منزّه عن فعل ما لا ينبغي وإرادته ومشيئته، كما هو منزّه عن الوصف به، والتسمية باسمه (١).

وإن قلتم: العبد هو الذي فعلها بما خلق فيه من الإرادة والمشيئة (٢).

قيل: فالله سبحانه خالق أفعال العباد كلها بهذا الاعتبار.

ولو سلك الجبري مع القدري هذا المسلك لاستراح معه وأراحه، وكذلك القدري معه، ولكن انحرف الفريقان عن سواء السبيل.

سارت مُشرِّقة وسرتُ مغرّبًا ... شتّان بين مُشرِّق ومُغرِّب (٣)

فإن قيل: فهل يمكنه الامتناع منها، وقد خُلِقت فيه نفسُها أو أسبابُها الموجِبة لها، وخَلْق السبب الموجِب خَلْق لمُسبَّبه وموجَبه؟

قيل: هذا السؤال يورد على وجهين:

أحدهما: أن يراد به أنه يصير مضطرًّا إليها، مُلْجَأً إلى فعلها بخَلْقها أو خَلْق أسبابها فيه، بحيث لا يبقى له اختيار في نفسه ولا إرادة، وتبقى حركته


(١) "ج": "والتسمية به".
(٢) جملة: "وإن قلتم" إلى هنا ساقط من "د".
(٣) البيت ثاني ثلاثة دون نسبة في "البصائر والذخائر" (٨/ ١٧٨)، وصدره: "بكرَتْ مشرّقة ورحتُ مغرّبًا"، واستشهد بعجزه في "الصحاح" (٤/ ١٥٠١)، وقد كان أبو إسحاق الشيرازي (٤٧٦ هـ) يتمثّل به إذا ناظر فذُكِر له سؤال لا يتعلّق بدليله، كما رواه عبد الخالق بن أسد في "المعجم" (٣٤٢)، ومثله في "فتاوى ابن الصلاح" (١٢٥).
ووقع في "م" و"ج": "وسار مغرّبًا".