للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: وهذا يحتمل أمرين:

أحدهما: أن يكون من باب حذْف أحد المفعولين، أي: أوجده مالًا وغنى.

وأن يكون من باب: صَيّره واجدًا، مثل أغناه وأفقره؛ إذا صَيّره غنيًا وفقيرًا.

فعلى التقدير الأول يكون تَعْدية: وَجَد مالًا وغنى، وأوجده الله إيّاه.

وعلى الثاني يكون تَعْدية: وَجَد وُجْدًا إذا استغنى. ومصدر هذا الوُجْد بالضم والفتح والكسر، قال تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: ٦].

فغير ممتنع أن يُطلَق على من يفعل بالقدرة المُحدَثة أنه أوجد مقدوره؛ كما يُطلَق عليه أنه فعله وعمله وصنعه وأحدثه، لا على سبيل الاستقلال.

وكذلك لفظ المؤثِّر، لم يرد إطلاقه في أسماء الربِّ، وقد وقع إطلاق الأثر والتأثير على فعل العبد، قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: ١٢].

قال ابن عباس: "ما أثروا من خير أو شر" (١).

فسمى ذلك آثارًا؛ لحصوله بتأثيرهم.

ومن العجب أن المتكلمين يمتنعون من إطلاق التأثير والمؤثِّر على من أُطلِق عليه في القرآن والسنة، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا بني سَلِمة، ديارَكم تُكتب


(١) أورده في "البسيط" (١٨/ ٤٦٠).