للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لفعله ولا غاية يقصدها به، أولى بالنقص ممن يفعل لحكمة كانت معدومة ثم صارت موجودة في الوقت الذي اقتضت حكمته إحداث الفعل فيه، فكيف يسوغ لعاقل أن يقول: فِعْله للحكمة يستلزم النقص، وفِعْله لا لحكمة لا نقص فيه!

الجواب الثالث عشر: أن هؤلاء النفاة يقولون: إنه سبحانه يفعل ما يشاء من غير اعتبار حكمة، فيُجَوِّزون عليه كل ممكن، حتى الأمر بالشرك والكذب والظلم والفواحش، والنهي عن التوحيد والصدق والعدل والعقاب.

وحينئذ فنقول: إذا جازت عليه هذه المرادات، وليس في إرادتها نقص لو أرادها؛ استحال أن يكون في شيء من المرادات نقص، وهذا مراد فلا نقص فيه، فقولهم: «مَنْ فَعَل شيئًا لشيء كان ناقصًا بدونه» قضية كلية ممنوعة العموم، وعمومها أولى بالمنع من قول القائل: مَنْ أكرم أهل الجهل والظلم والفساد، وأهان أهل العلم والعدل والبر؛ كان سفيهًا جائرًا، وهذا عند النفاة جائز على الله، ولم يكن به سفيهًا جائرًا.

وكذلك قول القائل: «مَنْ أرسل عبيدَه وإماءه يفجر بعضهم ببعض، ويقتل بعضهم بعضًا، وهو قادر على أن يكفّهم؛ كان سفيهًا»، والله عندهم قد فعل ذلك، ولم يدخل في عموم هذه القضية، فهكذا القضية الكلية التي ادعوا ثبوتها في محل النزاع؛ أولى أن تكون باطلة منتقضة.

الجواب الرابع عشر: أنه لو سُلّم لهم أنه مستكمل بأمر حادث لكان هذا من الحوادث المرادات، وكل ما هو حادث مراد عندهم فليس بقبيح؛ فإن القبح عندهم ليس إلا مخالفة الأمر والنهي، والله ليس فوقه آمر ولا ناهٍ، فلا