للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاقتران العادي بين القدرة المُحْدَثة والفعل، فإن الله سبحانه أجرى العادة بخلق الفعل عند قدرة العبد وإرادته لا بهما، فهذا الاقتران هو الكَسْب.

ولهذا قال كثير من العقلاء: إن هذا من محالات الكلام، وإنه شقيق أحوال أبي هاشم، وطفرة النظّام، والمعنى القائم بالنفس الذي يسميه القائلون به كلامًا، وشيء من ذلك غير معقول ولا متصوَّر.

والذي استقر عليه قول الأشعري: أن القدرة الحادثة لا تؤثر في مقدورها، ولم يقع المقدور ولا صفة من صفاته بها، بل المقدور بجميع صفاته واقع بالقدرة القديمة، ولا تأثير للقدرة الحادثة فيه. وتابعه على ذلك عامة أصحابه.

والقاضي أبو بكر يوافقه مرَّة، ومرَّة يقول: القدرة الحادثة لا تؤثر في إثبات الذات وإحداثها، ولكنها تقتضي صفة للمقدور زائدة على ذاته تكون حالًا له.

ثم تارة يقول: تلك الصفة التي من أثر القدرة الحادثة مقدورة لله تعالى.

ولم يمنع من إثبات هذا المقدور بين قادرين على هذا الوجه.

وقد اضطربت آراء أتباع الأشعري في الكَسْب اضطرابًا عظيمًا، واختلفت عباراتهم فيه اختلافًا كثيرًا، وقد ذكره (١) كله أبو القاسم سلمان بن ناصر (٢)


(١) في جميع النسخ: "ذكر".
(٢) تحرّف اسمه في "د" و"م" إلى: "سليمان بن ماجه"، ووافقتهما "ج" في الأول منهما، والمثبت هو الصواب المشهور، وقد نصّ ابن الصلاح على فتح السين في "سلمان"، انظر: "المنتخب من السياق" (٢٦٨)، "طبقات الشافعية" لابن الصلاح (١/ ٤٧٧).