للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنطقه وشمائله، فما عمل آدمي عملًا إلا ألقى الله عليه رداء عمله" (١).

فصل (٢)

وهذا الحمام من أعجب الحيوان هداية، حتى قال الشافعي: "أعقل الطير الحمام" (٣).

وبُرُد الحمام ـ وهي التي تحمل الرسائل والكتب ـ ربما زادت قيمة الطير منها على قيمة المملوك والعبد؛ فإن الغرض الذي يحصل به لا يحصل بمملوك ولا بحيوان غيره؛ لأنه يذهب ويرجع إلى مكانه من مسيرة ألف فرسخ فما دونها، وينهي (٤) الأخبار والأغراض والمقاصد التي تتعلق بها مهمات الممالك والدول.

والقيِّمون بأمرها يعتنون بأنسابها اعتناءً عظيمًا، فيفرّقون بين ذكورها وإناثها وقت السِّفاد، وتنقل الذكور عن إناثها إلى غيرها، والإناث عن ذكورها، ويخافون عليها من فساد أنسابها وحملها من غيرها، ويتعرفون صحة طرقها ومحلها؛ لأنهم لا يأمنون أن يَسْفِد (٥) الأنثى ذكرٌ (٦) من عرض الحمام فتعتريها الهُجْنة.


(١) "الكشاف" (٣/ ٣٦٢).
(٢) انظر: "الحيوان" (٣/ ١٤٤ - ٢٩٨)، وجل مادة هذا الفصل مقتبسة منه.
(٣) بنحوه في "الأم" (٣/ ٥٠٧)، وبنصه أورده ابن العربي في "أحكام القرآن" (٣/ ٤٧٢).
(٤) "م": "ويرى".
(٥) "د" "م": "يفسد"، والمثبت من "ج"، والسياق يعضده.
(٦) في الأصول: "ذكرًا" خطأ مفسد للمعنى، والفقرة بقريب منها في "الحيوان" (٣/ ٢١٣).