للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقيّمون بأمرها لا يحفظون أرحام نسائهم ويحتاطون لها كما يحفظون أرحام حمامهم ويحتاطون لها.

والقيّمون بأمرها لهم في ذلك قواعد وطرق يعتنون بها غاية الاعتناء، بحيث إذا رأوا حمامًا ساقطًا لم يَخْفَ عليهم حسبُها ونسبُها وبلدُها.

ويعظّمون صاحب التجربة والمعرفة، وتسمح أنفسهم بالجُعْل الوافر له.

ويختارون لحمل الكتب والرسائل الذكور منها، ويقولون: هو أحنُّ إلى بيته لمكان أنثاه، وهو أشدّ متنًا، وأقوى بدنًا، وأحسن اهتداءً.

وطائفة منهم يختار لذلك الإناث، ويقولون: الذكر إذا سافر وبعد عهده حَنَّ إلى الإناث، وتاقت نفسه إليهن، فربما رأى أنثى في طريقه ومجيئه فلا يصبر عنها، فتَرَكَ المسير، ومال إلى قضاء وطره منها.

وهداية الحمام على قدر التعليم والتوطين.

والحمام موصوف باليُمن والإلف والتأنّس، ويحب الناس ويحبونه، ويألف المكان، ويثبت على العهد والوفاء لصاحبه وإن أساء إليه، ويعود إليه من مسافات شاسعة، وربما صُدّ واختُزِل (١) عن وطنه عشر حجج (٢)، وهو ثابت على الوفاء، حتى إذا وجد فرصة واستطاعة عاد إليه.

والحمام إذا أراد السِّفاد تلطّف للأنثى غاية التلطّف، فيبدأ بنشر ذنبه


(١) من الاختزال وهو الانقطاع والانفراد، كما في "تاج العروس" (خزل) (٢٨/ ٤٠٦)، وفي "د": "وافترك" دون إعجام، وفي "ج": "فترك"، والمثبت من "م".
(٢) "ج": "سنين".