للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإرخاء جناحيه، ثم يدنو من الأنثى، فيهْدِر لها ويقبّلها ويزُقُّها (١) وينتفش ويرفع صدره، ثم يعتريه ضرب من الحكّة والتفَلّي، والأنثى في ذلك مرسلة جناحها وكتفها (٢) على الأرض، فإذا قضى حاجته منها، ركبته الأنثى! وليس ذلك في شيء من الحيوان سواه.

وإذا علم الذكر أنه أودع رحم الأنثى ما يكون منه الولد، تقدّم هو والأنثى بطلب القصب والحشيش وصغار العيدان، فيعملان منه أُفْحُوصة (٣)، وينسجاها (٤) نسجًا متداخلًا في الموضع الذي يكون بقدر جثمان الحمامة، ويجعلان حروفها شاخصة مرتفعة؛ لئلا يتدحرج عنها البيض، ويكون حصنًا للحاضن، ثم يتعاودان ذلك المكان، ويتعاقبان الأُفْحُوص يسخِّنانه ويطيّبانه، وينفيان طباعه الأُوَل ويحدثان فيه طبعًا آخر، مشتقًا ومستخرجًا من طباع أبدانهما ورائحتهما؛ لكي تقع البيضة إذا وقعت في مكان هو أشبه المواضع بأرحام الحمام، ويكون على مقدار من الحر والبرد والرخاوة والصلابة.

ثم إذا ضربها المخاض بادرت إلى ذلك المكان ووضعت فيه البيض. فإن أفزعها رعد قاصف رمت بالبيضة دون ذلك المكان الذي هيّأته، كالمرأة التي تُسْقِط من الفزع.


(١) من الزَّقّ وهو إطعام الطائر فراخه بفيه، "الصحاح" (زقق) (٤/ ١٤٩٢).
(٢) "الحيوان" (٣/ ١٥٨): "وكفيها".
(٣) الأفحوصة: الموضع الذي تضع فيه الحمام بيضها؛ لأنها تفحص الموضع، ثم تبيض فيه، ينظر: "تاج العروس" (فحص) (١٨/ ٦٣).
(٤) "ج": "ينسجانها"، والمثبت من "د" "م" موافق لما في "الحيوان" (٣/ ١٤٩).