للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذه كلها أمور وجودية، وهي الحسنات التي يثيب الله عليها.

وأما مجرد عدم السيئات من غير أن يعرف أنها سيئة، ولا يكرهها بقلبه، ويكف نفسه عنها، بل يكون تركها لعدم خطورها بقلبه، فلا يثاب على هذا الترك، فهذا تكون السيئات في حقه بمنزلتها في حق الطفل والنائم، لكن قد يثاب على اعتقاده تحريمها، وإن لم يكن له إليها داعية البتّة.

فالترك ثلاثة أقسام: قسم يثاب عليه، وقسم يعاقَب عليه، وقسم لا يثاب ولا يعاقَب.

فالأول: ترك العالم بتحريمها، الكافّ نفسه عنها لله، مع قدرته عليها.

والثاني: كترك مَن يتركها لغير الله لا لله، فهذا يعاقَب على تركه لغير الله، كما يعاقَب على فعله لغير الله؛ فإن ذلك الترك والامتناع فعل من أفعال القلب، فإذا عبد به غير الله استحق العقوبة.

والثالث: كترك من لم يخطر على قلبه علمًا ولا محبة ولا كراهة، بل بمنزلة ترك النائم والطفل.

فإن قيل: كيف يعاقَب على ترك المعصية حياء من الخلق، وإبقاء على جاهه بينهم، وخوفًا منهم أن يتسلّطوا عليه، والله تعالى لا يذم على ذلك ولا يمنع منه؟

قيل: لا ريب أنه لا يعاقَب على ذلك، وإنما يعاقَب على تقرّبه إلى الناس بالترك ومراءاتهم به، وأنه قد تركها خوفًا من الله ومراقبة له، وهو في الباطن بخلاف ذلك، فالفرق بين ترْك يَتقرّب به إليهم ويرائيهم به، وترْك يكون