للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صحيح ينفي أن يكون العبد قادرًا مريدًا فاعلًا بمشيئته وقدرته، وأنه هو الفاعل حقيقة، وأفعاله قائمة به، وأنها فعل له لا لله، وأنها قائمة به لا بالله.

وكل دليل صحيح يقيمه القدرية فإنما يدل على أن أفعال العباد فعل لهم، قائم بهم، واقع بقدرتهم ومشيئتهم وإرادتهم، وأنهم مختارون لها غير مضطرين ولا مجبورين، وليس معهم دليل صحيح ينفي أن يكون الله سبحانه قادرًا على أفعالهم، وهو الذي جعلهم فاعِلِين.

فأدلة الجبرية متظافرة صحيحة على من نفى قدرة الرب تعالى على كل شيء من الأعيان والأفعال، ونفى عموم مشيئته وخلقه لكل موجود، وأثبت في الوجود شيئًا بدون مشيئته وخلقه.

وأدلة القدرية متظافرة صحيحة على من نفى فعل العبد وقدرته ومشيئته واختياره، وقال: إنه ليس بفاعل شيئًا، والله يعاقبه على ما لم يفعله (١)، ولا له قدرة عليه، بل هو مضطر إليه، مجبور عليه.

وأهل السنة وحزب الرسول وعسكر الإيمان لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء، بل هم مع هؤلاء فيما أصابوا فيه، ومع هؤلاء فيما أصابوا فيه، فكل حق مع طائفة من الطوائف فهم يوافقونهم فيه، وهم بُرآء من باطلهم، فمذهبهم جَمْعُ حق الطوائف بعضه إلى بعض، والقول به، ونصرُهُ، وموالاة أهله من ذلك الوجه، ونَفْيُ باطل كل طائفة من الطوائف وكسرُهُ، ومعاداةُ أهله من هذا الوجه (٢)، فهم حُكَّام بين الطوائف لا يتحيزون إلى فئة منهم


(١) "د": "ما يفعله".
(٢) من قوله: "ونفي باطل" إلى هنا ساقط من "د".