للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المشروط بالعقل، ويستحيل أن تكون المعرفة عندكم ضرورة، أو تكون من فعل الله.

وأما كونكم لا تقولون بآخره فهو أنه نَسَب فيه التهويد والتنصير إلى الأبوين، وعندكم أنّ المولود هو الذي أحدث لنفسه التهويد والتنصير دون الأبوين، والأبوان لا قدرة لهما على ذلك البتّة.

وأيضًا: فقوله: «الله أعلم بما كانوا عاملين» دليل على أن الله يعلم ما يصيرون إليه بعد ولادتهم على الفطرة: هل يبقون عليها فيكونون مؤمنين، أو يغيّرونها فيصيرون كفارًا؟ فهو دليل على تقدّم العلم الذي ينكره غلاة القدرية، واتفق السلف على تكفيرهم بإنكاره.

فالذي استدللتم به من الحديث على قولكم الباطل ــ وهو قوله: «فأبواه يُهَوِّدانه ويُنَصِّرانه» ــ لا حجة لكم فيه، بل هو حجة عليكم، فغير الله لا يقدر على جَعْل الهدى أو الضلال في قلب أحد، بل المراد بالحديث دعوة الأبوين إلى ذلك، وتربيتهما له على ذلك، مما يفعله المعلم والمربّي.

وخَصّ الأبوين بالذكر [بناء] (١) على الغالب؛ إذ (٢) لكل طفل أبوان، وإلا فقد يقع من أحدهما ومن غيرهما.

فصل (٣)

قال أبو عمر بن عبد البر (٤): اختلف العلماء في الفطرة المذكورة في هذا


(١) زيادة لازمة من مصدر المؤلف.
(٢) تحرّفت في «د»: «إن»، والتصحيح من «درء التعارض».
(٣) انظر: «درء التعارض» (٨/ ٣٨٢ - ٣٨٣)، والمؤلف صادر عنه.
(٤) «التمهيد» (١٨/ ٦٦ - ٦٨)، «الاستذكار» (٣/ ١٠٢ - ١٠٣)، «درء التعارض» (٨/ ٣٨٢ - ٣٨٣)، والمؤلف صادر عنه.