للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صفات كمال وأضدادها نقص، فوجب تنزيهه عنها لمنافاتها لكماله، وأما حصول ما يحبّه الرب تعالى في الوقت الذي يحبّه، فإنما يكون كمالًا إذا حصل على الوجه الذي يحبّه، فعدمه قبل ذلك ليس نقصًا؛ إذ كان لا يحب وجوده قبل ذلك.

الجواب الثامن: أن يقال: الكمال الذي يستحقه سبحانه وتعالى هو الكمال الممكن أو الممتنع؟ فالأول مُسَلّم، والثاني باطل قطعًا، فلِمَ قلت: إن وجود الحادث في غير وقته الذي وُجِد فيه ممكن؟ بل وجود الحادث في الأزل ممتنع، فعدمه لا يكون نقصًا.

الجواب التاسع: أن عدم الممتنع لا يكون كمالًا؛ فإن الممتنع ليس بشيء في الخارج، وما ليس بشيء لا يكون عدمه نقصًا؛ فإنه إن كان في المقدور ما لا يحدث إلا شيئًا بعد شيء كان وجوده في الأزل ممتنعًا، فلا يكون عدمه نقصًا، وإنما يكون الكمال وجوده حين يمكن وجوده.

الجواب العاشر: أن يقال: لا ريب أنه تعالى أحدث أشياء بعد أن لم يكن محدِثًا لها، كالحوادث المشهودة، حتى إن القائلين بكون الفَلَك قديمًا عن علّة موجِبة يقرّون بذلك، ويقولون: إنه يُحدِث الحوادث بواسطة، وحينئذ فنقول: هذا الإحداث إما أن يكون صفة كمال، وإما أن لا يكون؟ فإن كان صفة كمال فقد كان فاقدًا لها قبل ذلك، وإن لم يكن صفة كمال فقد اتصف بالنقص.

فإن قلت: نحن نقول: بأنه ليس صفة كمال ولا نقص.

قيل: فهلّا قلتم ذلك في التعليل؟