للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما لا نطلق القول بأنه ربّ الكلاب والخنازير، ونطلق القول بأنه ربّ كل شيء وخالقه.

قالوا: وأما قولكم: إن الشرّير مريد الشرّ وفاعله، فجوابه من وجهين:

أحدهما: إنما نمنع ذلك بأن (١) الشرّير من قام به الشر، وفعل الشر لم يقم بذات الربّ؛ فإن أفعاله لا تقوم به، إذ هي نفس مفعولاته، وإنما هي قائمة بالخلق، ولذلك اشتُقّت لهم منها الأسماء، كالفاجر والفاسق والمصلي والحاج والصائم ونحوها.

الجواب الثاني: أن أسماء الربّ تعالى توقيفية، ولم يسمِّ نفسه إلا بأحسن الأسماء.

قالوا: والرب تعالى أعظم من أن يكون في ملكه ما لا يريده ولا يخلقه؛ فإنه الغالب غير المغلوب.

وتحقيق القول في ذلك أنه يمتنع إطلاق إرادة الشر عليه وفعله نفيًا وإثباتًا؛ لما في إطلاق لفظ الإرادة والفعل من إيهام المعنى الباطل ونفي المعنى الصحيح؛ فإن الإرادة تُطلق بمعنى المشيئة، وبمعنى المحبة والرضا (٢).

فالأول كقوله تعالى: {لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} [هود: ٣٤]، وقوله: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ} [الأنعام: ١٢٥]، وقوله: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً} [الإسراء:١٦].


(١) «د» «م»: «بل»، والمثبت من «ط» أشبه بالسياق.
(٢) «م»: «والإرادة».