للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: الاكتساب أخص من الكَسْب؛ لأن الكَسْب ينقسم إلى كسبه لنفسه ولغيره، ولا يقال: يكتسب أهله.

قال الحُطَيئة:

ألقيتَ كاسبهم في قعرِ مُظْلِمَةٍ ... فاغفر هداك مليك الناس يا عمر (١)

قلت: والاكتساب افتعال، وهو يستدعي اهتمامًا وتعمّلًا واجتهادًا، وأما الكَسْب فتصح نسبته بأدنى شيء، ففي جانب الفضل جعل لها ما لها فيه أدنى سعي، وفي جانب العدل لم يجعل عليها إلا ما لها فيه اجتهاد واهتمام.

وأما الجَبْر فيرجع في اللغة إلى ثلاثة أصول:

أحدها: أن تُغني الرجلَ من فقر، أو تجبر عظمه من كسر، وهذا من الإصلاح (٢)، وهذا الأصل يستعمل لازمًا ومتعدّيًا، تقول: جَبَرْتُ العَظْمَ، وجَبَرَ العظمُ، وقد جمع العَجّاج بينهما في قوله:

قد جَبَرَ الدّينَ الإلهُ فَجَبَرْ (٣)

الأصل الثاني: الإكراه والقهر، وأكثر ما يستعمل هذا على أفعَلَ، يقال: أجبرته على كذا، إذا أكرهته عليه، ولا يكاد يجيء: جبرته عليه؛ إلا قليلًا.


(١) "ديوان الحطيئة" برواية ابن السكيت وشرحه (١٩٢)، وفيه:
غيّبت كاسبهم ............. ... فاغفر عليك سلام الله يا عمر
واللفظ الذي ساقه المؤلف في "البسيط" للواحدي (٤/ ٥٣٤).
(٢) "د": "الاصطلاح".
(٣) "الديوان" (٢٠١)، من رجز في مدح عمر بن عبيد الله، وانظر: "الصحاح" (٢/ ٦٠٧).