للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

توضيحه الجواب السابع: أنه لم يقم دليل عقلي ولا سمعي على امتناع دوام أفعال الرب في الماضي والمستقبل أصلًا، وكل أدلة النفاة من أولها إلى آخرها باطلة، وقد كفى مؤنة إبطالها الرازي والآمدي في أكثر كتبهما وغيرهما.

وأما إثبات الحكمة فقد قام على صحته العقل والسمع والفطرة وسائر أنواع الأدلة كما تقدمت الإشارة إلى بعض ذلك، فكيف يُقدح في هذا المعلوم الصحيح بذلك النفي الذي لم يقم على صحته دليل صحيح البتَّة!

الجواب الثامن: أن التسلسل إما أن يكون ممكنًا أو ممتنعًا، فإن كان ممكنًا بطل استدلالكم، وإن كان ممتنعًا أمكن أن يقال في دفعه: تنتهي المرادات إلى مراد لنفسه لا لغيره، وينقطع التسلسل.

الجواب التاسع: أن يقال: ما المانع أن تكون الفاعلية مُعلَّلة بعلة قديمة؟ قولكم: يلزم من قدمها قدم المعلول؛ ينتقض عليكم بالإرادة فإنها قديمة، ولم يلزم من قدمها قدم المراد.

فإن قلتم: الإرادة القديمة تعلقت بالمراد الحادث في وقت حدوثه، واقتضت وجوده حينئذ؛ فهلا قلتم: إن الحكمة القديمة تعلقت بالمراد وقت حدوثه، كما قلتم في الإرادة.

فإن قلتم: شأن الإرادة التخصيص، قيل لكم: وكذلك الحكمة شأنها تخصيص الشيء بزمانه ومكانه وصفته، فالتخصيص مصدره الحكمة والإرادة والعلم والقدرة، فإن لزم من قدم الحكمة قدم الفعل، لزم من قدم الإرادة قدمه، وإن لم يلزم ذاك لم يلزم هذا.