للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنزال الآية ووصولها إليهم كما سألوا أن يؤمنوا إذا جاءتهم؛ لأنهم رأوها عيانًا وعرفوا دلالتها، وتحققوا صدقها، فإذا لم يؤمنوا كان ذلك تقليبًا لقلوبهم وأبصارهم عن وجهها الذي ينبغي أن تكون عليه.

وقد روى مسلم في "صحيحه" (١) من حديث عبد الله بن عمرو أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن، كقلب واحد يصرفه كيف يشاء"، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم مصرّف القلوب، صرف قلوبنا على طاعتك".

وروى الترمذي (٢) من حديث أنس، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكثر أن يقول: "يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك"، فقلت: يا رسول الله، آمنا بك وبما جئت به، فهل تخاف علينا؟ قال: "نعم، إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله، يقلبها كيف يشاء"، قال: "هذا حديث حسن".

وروى حماد، عن أيوب وهشام ويعلى (٣) بن زياد، عن الحسن قال: قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: دعوة كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكثر أن يدعو بها: "يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك"، فقلت: يا رسول الله، دعوة كثيرًا ما تدعو بها! قال: "إنه ليس من عبد إلا وقلبه بين إصبعين من أصابع الله، فإذا شاء أن يقيمه أقامه، وإذا شاء أن يزيغه أزاغه" (٤).


(١) برقم (٢٦٥٤).
(٢) برقم (٢١٤٠)، وأخرجه أحمد (١٢١٠٧)، وصححه الحاكم (١٩٢٧).
(٣) كذا في الأصول: "أيوب وهشام ويعلى"، صوابه: "يونس وهشام ومعلّى" كما في مصادر التخريج.
(٤) أخرجه أحمد (٢٤٦٠٤)، والنسائي في "الكبرى" (٧٦٩٠)، والآجري في "الشريعة" (٣٢١)، وفي سماع الحسن من عائشة كلام، كما في "تحفة التحصيل" (٧٤)، لكن الحديث يصح بما قبله من شواهد.