للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يوضحه الوجه الخامس عشر: أنّ مجرد الفعل من غير قصد ولا حكمة ولا مصلحة يقصده الفاعل لأجلها لا يكون متعلَّقًا للحمد، فلا يُحمد عليه، حتى لو حصلت به مصلحة من غير قصد الفاعل لحصولها لم يستحق الحمد عليها، كما تقدم تقريره.

بل الذي يقصد الفعل لمصلحة وحكمة وغاية محمودة وهو عاجز عن تنفيذ مراده أحق بالحمد مِنْ قادر لا يفعل لحكمة ولا لمصلحة ولا لقصد الإحسان، هذا المستقر في فِطَر الخلق.

والربّ سبحانه حمده قد ملأ السماوات والأرض وما بينهما وما بعد ذلك، فملأ العالم العلوي والسفلي والدنيا والآخرة، ووسع حمده ما وسع علمه، فله الحمد التام على جميع ما خلقه، وعلى جميع ما حكم به كونًا ودينًا.

فلم يوجد مخلوق إلا بحمده (١)، ولا حُكِم بحكم إلا بحمده، ولا قامت السماوات والأرض إلا بحمده، ولا تحركت ذرة فما فوقها إلا بحمده، ولا نزلت قطرة إلا بحمده (٢)، ولا تحوّل شيء في العالم العلوي والسفلي من حال إلى حال إلا بحمده، ولا تحركت الأفلاك إلا بحمده، ولا أطيع إلا بحمده، ولا عُصِي إلا بحمده، ولا دخل أهلُ الجنةِ الجنةَ وأهلُ النارِ النارَ إلا بحمده، كما قال الحسن رحمة الله عليه: «لقد دخل أهل النار النار وإنّ حمده لفي قلوبهم، ما وجدوا عليه سبيلًا» (٣).


(١) من قوله: «وعلى جميع» إلى هنا ساقط من «د».
(٢) من قوله: «ولا تحركت» إلى هنا ساقط من «د».
(٣) أسنده أبو نعيم في «الحلية» (٦/ ١٩٨) بقريب منه.