للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحتاج إلى أن يبقيه عليه، ويديمه بالبركة (١) التي يضعها فيه، والبركة تتضمن ثبوته ونموه، وهذا قَدْرٌ زائدٌ على إقداره عليه وتيسيره له، ثم إذا فعل به ذلك كله فهو محتاج إلى أن يرضِّيه به، فإنه قد يجيء له ما يكرهه، فيظل ساخطًا له وقد خار الله له فيه.

قال عبد الله بن عمر: "إن الرجل ليستخير الله فيختار له، فيسخط على ربه، فلا يلبث أن ينظر في العاقبة، فإذا هو قد خِير له" (٢).

وفي "المسند" (٣) من حديث سعد بن أبي وقاص، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من سعادة ابن آدم استخارته الله عز وجل، ومن سعادة ابن آدم رضاه بما قضاه الله، ومن شِقْوة ابن آدم تركه استخارة الله عز وجل، ومن شِقْوة ابن آدم سخطه بما قضى الله".

فالمقدور يكتنفه أمران: الاستخارة قبله، والرضا بعده، فمن توفيق الله لعبده وإسعاده إياه أن يختار قبل وقوعه، ويرضى بعد وقوعه، ومن خذلانه له أن لا يستخيره قبل وقوعه، ولا يرضى به بعد وقوعه.

وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "لا أبالي أصبحت على ما أحب أو على ما أكره؛ لأني لا أدري: الخير فيما أحب أو فيما أكره" (٤).


(١) "د": "بالذكر" وكذلك في الموضع الآتي، تحريف.
(٢) أخرجه ابن أبي الدنيا في "الرضا عن الله بقضائه" (٥٦).
(٣) برقم (١٤٤٤)، وأخرجه الترمذي (٢١٥١)، وقال: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن أبي حميد ... وليس هو بالقوي عند أهل الحديث".
(٤) أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (٤٢٥)، وأبو داود في "الزهد" (١٠٣).