للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيغضب إذا رضي الربّ، ويرضى إذا غضب، هذا وهو يتقلب في إحسانه، ويسكن في داره، ويغتذي برزقه، ويتقوى على معاصيه بنعمه.

فمَنْ أعدلُ منه ــ سبحانه عما يصفه به الجاهلون والظالمون ــ إذا جعل الرجس على أمثال هؤلاء من الذين لا يؤمنون؟!

فصل

إذا شرح اللهُ صدرَ عبده بنوره الذي يقذفه في قلبه أراه في ضوء ذلك النور حقائق الأسماء والصفات التي تصل إليها معرفة العبد؛ إذ لا يمكن أن يعرفها العبد على ما هي عليه في نفس الأمر، وأراه في ضوء ذلك النور حقائق الإيمان، وحقائق العبودية وما يصححها وما يفسدها.

وتفاوُت الناس في معرفة الأسماء والصفات، والإيمان والإخلاص، وأحكام العبودية بحسب تفاوتهم في هذا النور، قال تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام: ١٢٢]، وقال: {آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [الحديد: ٢٨].

فيكشف لقلب المؤمن في ضوء ذلك النور عن حقيقة المثل الأعلى، مستويًا على عرش الإيمان في قلب العبد المؤمن، فيشهد بقلبه ربًّا عظيمًا قاهرًا قادرًا، أكبر من كل شيء في ذاته وفي صفاته وفي أفعاله، السماوات السبع قبضة إحدى يديه، والأرضون السبع قبضة اليد الأخرى، يمسك السماوات على أصبع، والأرضين على أصبع، والجبال على أصبع، والشجر على أصبع، والثرى على أصبع، ثم يهزّهن، ثم يقول: أنا الملك. فالسماوات