للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بل الأمر كله له، {مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، فهذا أظهر القولين، والله أعلم.

وقال تعالى: {حم (١) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الزخرف: ١ - ٤]، قال ابن عباس: "في اللوح المحفوظ الذي عندنا" (١).

قال مقاتل: "يقول: إن نسخته في أصل الكتاب، وهو اللوح المحفوظ" (٢).

وأمّ الكتاب: أصل الكتاب، وأمّ كل شيء: أصله.

والقرآن كتبه الله في اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والأرض، كما قال تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ (٢١) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج: ٢١ - ٢٢].

وأجمع الصحابة والتابعون وجميع أهل السنة والحديث أن كل كائن إلى يوم القيامة فهو مكتوب في أم الكتاب.

وقد دلّ القرآن على أن الربّ تبارك وتعالى كتب في أم الكتاب ما يفعله وما يقوله، فكتب في اللوح فِعاله وكلامه، فـ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} في اللوح المحفوظ قبل وجود أبي لهب.

وقوله: {لَدَيْنَا} يجوز فيه أن تكون من صلة {أُمِّ الْكِتَابِ}، أي: أنه


(١) أخرجه بنحوه ابن جرير (٢٠/ ٥٤٧)، وانظر: "الوسيط" للواحدي (٤/ ٦٣).
(٢) "تفسير مقاتل" (٣/ ٧٨٩).