للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مصالح العبد في معاده، وهذا خاص بالمكلفين، وهذه المرتبة أخصّ من المرتبة الأولى، وأعم من الثالثة.

المرتبة الثالثة: الهداية المستلزمة للاهتداء، وهي هداية التوفيق ومشيئة الله لعبده الهداية، وخلقه دواعي الهدى وإرادته والقدرة عليه للعبد، وهذه الهداية التي لا يقدر عليها إلا الله عز وجل.

المرتبة الرابعة: الهداية يوم المعاد إلى طريق الجنة والنار.

فصل

فأما المرتبة الأولى فقد قال سبحانه: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} [الأعلى: ١ - ٣]، فذكر سبحانه أربعة أمور عامة: الخلق والتسوية والتقدير والهداية، وجعل التسوية من تمام الخلق، والهداية من تمام التقدير.

قال عطاء: {خَلَقَ فَسَوَّى}: "أحسن ما خلقه" (١)، وشاهده قوله تعالى: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ} [السجدة: ٧].

فإحسان خلقه يتضمن تسويته، وتناسب خلقه وأجزائه، بحيث لم يحصل بينها تفاوت يخل بالتناسب والاعتدال، فالخلق: الإيجاد، والتسوية: إتقانه وإحسان خلقه.

وقال الكلبي: "خَلَق كل ذي روح، فجمع خلقه وسواه باليدين (٢)


(١) نسبه إليه في "البسيط" (٢٣/ ٤٣١).
(٢) كذا في الأصول: "باليدين"، وفي مصدر النقل: "اليدين"، وهو الأشبه.