للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كل آية حتى يروا العذاب الأليم" (١).

فصل

ومن ذلك قوله تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا} [الإسراء: ١٣]، قال ابن جرير: "وكل إنسان ألزمناه ما قُضِيَ له أنه عامله، وما هو صائر إليه من شقاء أو سعادة بعمله في عنقه لا يفارقه" (٢)، وهذا يجمع ما قاله الناس في الآية، وهو ما طار له من الشقاء والسعادة، وما طار عنه من العمل.

ثم ذكر عن ابن عباس قال: "طائره: عمله وما قُدِّر عليه، فهو ملازمه أينما كان، وزائل معه أينما زال".

وكذلك قال ابن جريج وقتادة ومجاهد: "هو عمله زاد مجاهد: "وما كتب الله له وقال قتادة أيضًا: "سعادته وشقاوته بعمله" (٣).

قال ابن جرير: "فإن قال قائل: فكيف قال: {أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} إن كان الأمر على ما وصفت، ولم يقل: في يديه، أو رجليه، أو غير ذلك من أعضاء الجسد؟

قيل: لأن العنق هي موضع السِّمَات، وموضع القلائد والأطوقة، وغير ذلك مما يزين أو يشين، فجرى كلام العرب بنسبة الأشياء اللازمة لبني آدم وغيرهم إلى أعناقهم، وكثر استعمالهم ذلك حتى أضافوا الأشياء اللازمة


(١) "جامع البيان" (١٢/ ٣٠٠ - ٣٠١) باختصار.
(٢) "جامع البيان" (١٤/ ٥١٨).
(٣) أسند هذه الآثار في "جامع البيان" (١٤/ ٥٢٠).