للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن جرير: "الخاضعين" (١).

قال الزَّجّاج: "اشتقاقه من الخَبْت وهو المنخفض من الأرض، فكل مُخْبِت متواضع، فالإخبات سكون الجوارح على وجه التواضع والخشوع لله تعالى" (٢).

فإن قيل: فإذا كان معناه التواضع والخشوع، فكيف عُدّي بـ "إلى" في قوله: {وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ} [هود: ٢٣]؟

قيل: ضُمِّن معنى: أنابوا واطمأنوا وتابوا، وهذه عبارات السلف في هذا الموضع.

والمقصود: أن القلب المُخْبِت ضدّ القاسي والمريض، وهو سبحانه الذي جعل بعض القلوب مُخْبِتًا إليه، وبعضها مريضًا، وبعضها قاسيًا، وجعل للقسوة آثارًا، وللإخبات آثارًا.

فمن آثار القسوة: تحريف الكلم عن مواضعه، وذلك من سوء الفهم وسوء القصد، وكلاهما ناشئ عن قسوة القلب، ومنها نسيان ما ذُكّر به، وهو تَرْك ما أُمرَ به علمًا وعملًا، ومن آثار الإخبات وجَل القلوب لذكره سبحانه، والصبر على أقداره، والإخلاص في عبوديته، والإحسان إلى خلقه.

فصل

وأما تضييق الصدر وجعله حرجًا لا يقبل الإيمان، فقال تعالى: {فَمَنْ


(١) "جامع البيان" (١٦/ ٥٥٠).
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" (٣/ ٤٢٧).