للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عباده بحمده، وهذا لما في أفعاله من الغايات والعواقب الحميدة التي يستحق فاعلها (١) الحمد، فهو يُحمد على نفس الفعل، وعلى قصد الغاية الحميدة به، وعلى حصولها، فههنا ثلاث أمور (٢).

ومنكرو الحِكَم والتعليل ليس عندهم محمودًا على قصد الغاية، ولا على حصولها؛ إذ قصْدها عندهم مستحيل عليه، وحصولها عندهم أمر اتفاقي غير مقصود، كما صرّحوا به، فلا يُحمد على ما لا يجوز قصده (٣)، ولا على حصوله، فلم يبقَ إلا نفس الفعل، ومعلوم أن الفاعل لا يُحمد على فعله إن لم يكن له فيه غاية مطلوبة هي أولى به من عدمها، وإلا فمجرد الفعل الصادر عن الفاعل إذا لم يكن له غاية يقصده بها لا يُحمد عليه، بل وقوع هذا الفعل من القادر المختار الحكيم محال، ولا يقع الفعل على هذا الوجه إلا من عابث، والله منزّه عن العبث.

فحَمْدُه سبحانه من أعظم الأدلة على كمال حكمته، وقصْده بما فعل نفع خلقه والإحسان إليهم ورحمتهم، وإتمام نعمته عليهم، وغير ذلك من الحِكَم والغايات التي تعطيلها تعطيل لحقيقة حمده.

فصل

النوع الثامن عشر: إخباره بإنعامه على خلقه وإحسانه إليهم، وأنه خلق لهم ما في السماوات وما في الأرض، وأعطاهم الأسماع والأبصار والأفئدة


(١) «م»: «عليها».
(٢) كذا في الأصول، والوجه: «ثلاثة أمور».
(٣) «م»: «ما يجوز قصده»، خطأ.