للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عباراتهم فيه، وضربوا له الأمثال، وأطالوا فيه المقال.

فقال القاضي: "الكَسْب ما وُجِد وعليه قدرة مُحْدَثة" (١).

وقيل: إنه المتعلِّق بالقادر على غير جهة الحدوث.

وقيل: إنه المقدور بالقدرة الحادثة (٢).

قالوا: ولسنا نريد بقولنا: "ما وُجِد وعليه قدرة مُحْدَثة" أنها قدرة على وجوده؛ فإن القادر على وجوده هو الله وحده، وإنما نعني بذلك أن للكسب تعلّقًا بالقدرة الحادثة، لا من باب الحدوث والوجود.

وقال الإسفراييني: "حقيقة الخلق من الخالق وقوعه بقدرته من حيث صحَّ انفراده به، وحقيقة الفعل وقوعه بقدرته، وحقيقة الكَسْب من المُكتسِب وقوعه بقدرته مع انفراده به (٣)، ويختص القديم تعالى بالخلق، ويشترك القديم والمُحدَث في الفعل، ويختص المُحدَث بالكسب" (٤).

قلت: مراده أن إطلاق لفظ الخلق لا يجوز إلا على الله وحده، وإطلاق لفظ الكَسْب يختص بالمُحدَث، وإطلاق لفظ الفعل يصحّ على الربّ والعبد.


(١) نقله في "شرح الإرشاد" (ق ١٦١/أ)، وفيه: "قدرة حادثة"، والقاضي هو ابن الباقلاني، وانظر: "المعتمد في أصول الدين" (١٢٨).
(٢) انظر: "شرح الإرشاد" (ق ١٦١/أ)، "نهاية الإقدام" (٧١).
(٣) كذا في الأصول الخطية ومصدر المؤلف: "مع انفراده به"، وفي "نهاية الإقدام" (٧٢): "مع تعذّر انفراده به"، وهو الصواب.
(٤) حكاه في "شرح الإرشاد" (ق ١٦١/أ)، و"نهاية الإقدام" (٧٢).