للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

ومما ينبغي أن يعلم أنه لا يمتنع مع الطبع والختم والقفل حصول الإيمان، بأن يفك الذي خُتِم على القلب، وطُبِع عليه، وضُرِب عليه القفل ذلك الختم والطابع والقفل، ويهديه بعد ضلالته، ويعلمه بعد جهله، ويرشده بعد غَيِّه، ويفتح قفل قلبه بمفاتيح توفيقه التي هي بيده، حتى لو كتب على جبينه الشقاوة والكفر، لم يمتنع أن يمحوها، ويكتب عليه السعادة والإيمان.

وقرأ قارئ عند عمر بن الخطاب: {(٢٣) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ} [محمد: ٢٤]، وعنده شاب فقال: اللهم عليها أقفالها، ومفاتيحها بيدك، لا يفتحها سواك. فعرفها له عمر، وزادته عنده خيرًا (١).

وكان عمر - رضي الله عنه - يقول في دعائه: "اللهم إن كنت كتبتني شقيًا فامحني واكتبني سعيدًا، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت" (٢).


(١) لم أقف عليه بهذا السياق.
وأخرج اللالكائي في "أصول الاعتقاد" (٩٧٢)، والبيهقي في "القضاء والقدر" (٣٨٦) عن سهل بن سعد قال: تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية: {(٢٣) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ}، وغلام جالس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: بلى والله يا رسول الله، إن عليها لأقفالها ولا يفتحها إلا الذي أقفلها. فلما ولي عمر طلبه ليستعمله، وقال: لم يقل ذلك إلا من عقل. وفي إسناده المقدام بن داود وذؤيب بن عمامة: ضعيفان كما في "الميزان" (٤/ ١٧٦)، وله شاهد من مرسل عروة أخرجه إسحاق كما في "إتحاف الخيرة" (٥٨٢١)، والطبري (٢١/ ٢١٧).
(٢) أخرجه الطبري (١٣/ ٥٦٤)، وابن بطة في "الإبانة الكبرى" (١٥٦٥)، وأُثِر عن غير واحد من السلف نحوه.