للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للأخرى، وكلاهما خير لا شر فيه بوجه.

الثالث: أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لبَّيك وسعديك، والخير في يديك، والشر ليس إليك» (١) كالتفسير للآية؛ ففرَّق بين الخير والشر، وجعل أحدهما في يدي الربّ سبحانه، وقطَع إضافة الآخر إليه مع إثبات عموم خلقه لكل شيء.

فصل

والربّ تعالى يُشتق له من أوصافه ومن أفعاله أسماء، ولا يُشتق له من مخلوقاته، فكل اسم من أسمائه فهو مشتق من صفة من صفاته، أو فعل قائم به، فلو كان يُشتق له اسم باعتبار المخلوق المنفصل لسُمّي: متكوِّنًا ومتحرِّكًا وساكنًا وطويلًا وأبيض وغير ذلك؛ لأنه خالق هذه الصفات، فلما لم يُطلَق عليه اسمٌ من ذلك مع أنه خالقه؛ عُلِم أنما تُشتق (٢) أسماؤه من أفعاله وأوصافه القائمة به، وهو سبحانه لا يتصف بما هو مخلوق منفصل عنه، ولا يتسمّى باسمه.

ولهذا كان قول من قال: إنه يُسمّى متكلّمًا بكلام منفصل عنه، خَلَقه في غيره، ومريدًا بإرادة منفصلة عنه، وعادلًا بعدل مخلوق منفصل (٣)، وخالقًا بخلق منفصل عنه هو المخلوق= قولًا باطلًا مخالفًا للعقل والنقل واللغة، مع تناقضه في نفسه؛ فإنه إنِ اشتُقّ له اسم باعتبار مخلوقاته لزم طَرْد ذلك في


(١) تقدم تخريجه في (١/ ٣٨٢).
(٢) كذا في «د»: «علم أنما تشتق»، وهي مطموسة في «م».
(٣) زاد بعده في «م»: «هو المخلوق»، ولا محل لهذه الزيادة هنا، كأنها انتقال نظر.