للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كل صفة أو فعل خَلَقه، وإن خُصّ ذلك ببعض الأفعال والصفات دون بعض كان تحكّمًا لا معنى له.

وحقيقة قول هؤلاء: إنه لم يقم به عدل، ولا إحسان، ولا كلام، ولا إرادة، ولا فعل البتّة.

ومن تَجهّم منهم نفى حقائق الصفات، وقال: لم تقم به صفة ثبوتية.

فنفوا صفاته وردّوها إلى السُّلوب والإضافات، ونفوا أفعاله وردّوها إلى المصنوعات المخلوقات.

وحقيقة هذا أن أسماءه تعالى ألفاظ فارغة عن المعاني لا حقائق لها، وهذا من الإلحاد فيها، وإنكار أن تكون حسنى، وقد قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف: ١٨٠].

وقد دلَّ القرآن والسنة على إثبات مصادر هذه الأسماء له سبحانه وصفًا، كقوله تعالى: {أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} [البقرة: ١٦٥]، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: ٥٨]، وقوله: {فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ} [هود: ١٤]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لأحرقَتْ سُبُحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه» (١)، وقول عائشة: «الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات» (٢)، وقوله - صلى الله عليه وسلم - (٣):


(١) جزء من حديث أخرجه مسلم (١٧٩) من حديث أبي موسى الأشعري.
(٢) أخرجه البخاري معلقًا مجزومًا به في باب قول الله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (١٣٤)}، ووصله أحمد (٢٤١٩٥)، والنسائي (٣٤٦٠)، وابن ماجه (١٨٨).
(٣) من قوله: «لأحرقت» إلى هنا ساقط من «م».