للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: {وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}، قال ابن عباس: "أخذُلُهم وأدعهم في ضلالتهم يتمادون" (١).

فصل

وأما إزاغة القلوب، فقال تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: ٥]، وقال عن عباده المؤمنين أنهم سألوه: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} [آل عمران: ٨].

وأصل الزيغ الميل، ومنه زاغت الشمس إذا مالت، فإزاغة القلب إمالته، وزيغه ميله عن الهدى إلى الضلال، والزيغ يوصف به القلب والبصر، كما قال تعالى: {وَإِذ زَّاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} [الأحزاب: ١٠].

قال قتادة ومقاتل: "شَخَصتْ فَرَقًا" (٢)، وهذا تقريب للمعنى؛ فإن الشخوص غير الزيغ، وهو أن يفتح عينيه ينظر إلى الشيء فلا يطرف، ومنه شَخَص بصرُ الميت.

ولما مالت الأبصار عن كل شيء فلم تنظر إلا إلى هؤلاء الذين أقبلوا إليهم من كل جانب؛ اشتغلت عن النظر إلى شيء آخر فمالت عنه، وشخصت بالنظر إلى الأحزاب.


(١) أخرجه مختصرًا الطبري (١/ ٣٢٣)، وابن أبي حاتم في "التفسير" (١٤٩)، وهو بنصه في "البسيط" (٨/ ٣٦٣).
(٢) أخرجه عن قتادة بنحوه الطبري (١٩/ ٣٥)، وهو في "تفسير مقاتل" (٣/ ٤٧٦).