للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقالت القدرية: هو إحداث العبد لفعله بقدرته ومشيئته استقلالًا، وليس للربّ صُنْع فيه، ولا هو خالق فعله، ولا مكوّنه، ولا مريد له.

وقالت الجبرية: الكَسْب اقتران الفعل بالقدرة الحادثة، من غير أن يكون لها فيه أثر.

وكلا الطائفتين فرّق بين الخَلْق والكسب، ثم اختلفوا فيما وقع به الفرق.

فقال الأشعري في عامة كتبه: معنى الكَسْب: أن يكون الفعل بقدرة مُحدَثة، فمن وقع منه الفعل بقدرة قديمة فهو فاعل خالق، ومن وقع منه بقدرة مُحدَثة فهو مُكتسِب.

وقال قائلون: من يفعل بغير آلة ولا جارحة فهو خالق، ومن يحتاج في فعله إلى الآلات والجوارح فهو مُكتسِب، وهذا قول الإسكافي وطوائف من المعتزلة.

قال (١): "واختلفوا هل يقال: إن الإنسان فاعل على الحقيقة؟

فقالت المعتزلة كلُّها إلا الناشئ (٢): إن الإنسان فاعل مُحدِث ومُخْتَرِع ومنشئ على الحقيقة دون المجاز.

وقال الناشئ: الإنسان لا يفعل في الحقيقة، ولا يُحدِث في الحقيقة،


(١) أي الأشعري.
(٢) عبد الله بن محمد أبو العباس الناشئ الشاعر من كبار المعتزلة (٢٩٣ هـ)، "تاريخ الإسلام" (٦/ ٩٦٦).