وأمرًا لا رحمة فيه ولا مصلحة ولا حكمة، بل يجوز عندهم ــ أو يقع ــ أن يأمر بما لا مصلحة للمكلف فيه البتَّة، وينهى عما فيه مصلحته، والجميع بالنسبة إليه سواء.
ويجوز عندهم أن يأمر بكل ما نهى عنه، وينهى عن جميع ما أمر به، ولا فرق بين هذا وهذا إلا بمجرد الأمر والنهي.
ويجوز عندهم أن يعذب مَن لم يعصه طرفة عين، بل أفنى عمره في طاعته وشكره وذكره، ويُنعِّم مَن لم يطعه طرفة عين، بل أفنى عمره في الكفر به والشرك والظلم والفجور، ولا سبيل إلى أن يُعرف خلاف ذلك منه إلا بخبر الرسول، وإلا فهو جائز عليه.
وهذا من أقبح الظن وأسوئه بالربّ تعالى، وتنزيهه عنه كتنزيهه عن الظلم والجور، بل هذا هو عين الظلم الذي يتعالى الله عنه.
والعجب العجاب أنّ كثيرًا من أرباب هذا المذهب يُنزِّهونه عما وصف به نفسه من صفات الكمال، ونعوت الجلال، ويزعمون أن إثباتها تجسيم وتشبيه، ولا يُنزِّهونه عن هذا الظلم والجور، ويزعمون أنه عدل وحق، وأن التوحيد عندهم لا يتم إلا به، كما لا يتم إلا بإنكار استوائه على عرشه، وعلوّه فوق سماواته، وتكلّمه وتكليمه، وصفات كماله، فلا يتم التوحيد عند هذه الطائفة إلا بهذا النفي وذلك الإثبات، والله ولي التوفيق.
فصل
النوع الثاني عشر: إنكاره سبحانه أن يُسوِّيَ بين المختلفَيْن، أو يُفرِّقَ بين المتماثلَيْن، وأن حكمته وعدله تأبى ذلك.