للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من لوازم ذلك خلقًا وشرعًا.

ومنها: أنه يحب أن يُثنَى عليه ويُمدَح ويُمجَّد ويُسبَّح ويُعظَّم.

ومنها: كثرة شواهد ربوبيته ووحدانيته وإلهيته.

إلى غير ذلك من الحِكَم التي تضمّنها الخَلْق.

فخَلْق مخلوقاته بسبب الحق، ولأجل الحق، وخَلْقُها ملتبِسٌ بالحق، وهو في نفسه حق، فمصدره حق، وغايته حق، وهو متضمّن للحق.

وقد أثنى تعالى على عباده المؤمنين حيث نَزّهوه عن إيجاد الخلق لا لشيء ولا لغاية، فقال تعالى: {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ} [آل عمران: ١٩١].

وأخبر أن هذا ظَنُّ أعدائه به، لا ظنُّ أوليائه، فقال: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} [ص: ٢٧] (١).

فكيف يتوهم أنه عرفه من يقول: إنه لم يخلق لحكمة مطلوبة له، ولا أَمَر لحكمة، ولا نهى لحكمة، وإنما يصدر الخلق والأمر عن مشيئة وقدرة محضة، لا لحكمة ولا غاية مقصودة؟! (٢)، وهل هذا إلا إنكار لحقيقة حمده؟!

بل الخلق والأمر إنما قام بالحِكَم والغايات، فهما مظهران لحمده وحكمته، فإنكار الحكمة إنكار لحقيقة خلقه وأمره، فإنّ الذي أثبته المنكرون من ذلك يُنزَّه عنه الربُّ ويتعالى عن نسبته إليه، فإنهم أثبتوا خلقًا


(١) من قوله: «فقال» إلى هنا ساقط من «د».
(٢) من قوله: «وإنما يصدر» إلى هنا ساقط من «م».