للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطوق" (١).

قلت: ومن هذا قولهم: قلّدت فلانًا حكم كذا وكذا، كأنك جعلته طوقًا في عنقه.

وقد سمّى سبحانه التكاليف الشاقّة أغلالًا في قوله تعالى: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: ١٥٧]، فشبّهها بالأغلال لشدتها وصعوبتها.

قال الحسن: "هي الشدائد التي كانت في العبادة، كقطع أثر البول، وقتل النفس في التوبة (٢)، وقطع الأعضاء الخاطئة، وتتبع العروق من اللحم" (٣).

وقال ابن قتيبة: "هي تحريم الله سبحانه عليهم كثيرًا مما أطلقه لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وجعلها أغلالًا؛ لأن التحريم يمنع، كما يقبض الغل اليد" (٤).

وقوله: {فَهْيَ إِلَى الْأَذْقَانِ} قالت طائفة: الضمير يعود على الأيدي وإن لم تذكر؛ لدلالة السياق عليها.

قالوا: لأن الغل يكون في العنق فتُجْمع إليه اليد، ولذلك سُمّي جامِعَة.

وعلى هذا فالمعنى: فأيديهم أو فأيمانهم مضمومة إلى أذقانهم. هذا قول الفرّاء والزجاج.


(١) "الحجة للقراء السبعة" (٥/ ٨٩).
(٢) "د": "النفس"، سبق قلم.
(٣) لم أقف عليه، ونسبه في "البسيط" (٩/ ٤٠١) إلى المفسرين، وانظر: "جامع البيان" (١٠/ ٤٩٥).
(٤) "تأويل مشكل القرآن" (١٤٨).