للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكم في الطهارة من حكمة ومنفعة للقلب والبدن، وتفريح للقلب، وتنشيط للجوارح، وتخفيف من أحمالِ ما أوجبته الطبيعة، وإلقاء عن النفس من دَرَنِ المخالفات، فهي منظفة للقلب والروح والبدن.

وفي غسل الجنابة من زيادة التقوية، والإخلاف على البدن نظير ما تحلّل منه بالجنابة ما هو من أنفع الأمور.

وتأمّل كون الوضوء في الأطراف التي هي محل الكسب والعمل، فجُعِل في الوجه الذي فيه السمع والبصر والكلام والشم والذوق، وهذه الأبواب هي أبواب المعاصي والذنوب كلها، فمنها يُدخَل إليها، ثم جُعِل في اليدين وهما طرفاه وجناحاه اللذان بهما يبطش ويأخذ ويعطي، ثم في الرجلين اللتين بهما يمشي ويسعى.

ولما كان غسْلُ الرأس بماءٍ فيه (١) أعظم حرج ومشقة جُعِل مكانه المسح، وجُعِل ذلك مخرجًا للخطايا من هذه المواضع حتى يخرج مع قطر الماء من شعره وبشره، كما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث أبي هريرة قال: «إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء، حتى يخرج نقيًا من الذنوب» رواه مسلم (٢).


(١) «د» «م»: «مما فيه»، تحريف، وبما أثبته يتسق المعنى، وانظر: «أعلام الموقعين» (٣/ ٣٠٥).
(٢) برقم (٢٤٤).