للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «صحيح مسلم» (١) أيضًا عن عثمان بن عفان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من توضّأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه حتى تخرج من تحت أظفاره» فهذا من أجلّ حِكَم الوضوء وفوائده.

وقال نفاة الحكمة: إنه تكليف محض، ومشقة وعناء (٢)، لا مصلحة فيه، ولا حكمة شُرِع لأجلها!

ولو لم يكن في مصلحته وحكمته إلا أنه سِيْماء هذه الأمة وعلامتهم في وجوههم وأطرافهم يوم القيامة بين الأمم ليست لأحد غيرهم، ولو لم يكن فيه من المصلحة والحكمة إلا أن المتوضّئ يطهّر بدنه بالماء، وقلبه بالتوبة، ليستعد بذلك للدخول على ربه ومناجاته، والوقوف بين يديه طاهر البدن والثوب والقلب، فأي حكمة ورحمة ومصلحة فوق هذا؟!

ولما كانت الشهوة تجري في جميع البدن، حتى إن تحت كل شعرة شهوة؛ سرى غسل الجنابة إلى حيث سرت الشهوة، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «إن تحت كل شعرة جنابة» (٣)، فأمر أن يوصِل الماء إلى أصل كل شعرة، فتبرد حرارة الشهوة، فتسكن النفس وتطمئن إلى ذكر الله وتلاوة كلامه، والوقوف بين يديه.


(١) برقم (٢٤٥)، وفيه: «خرجت خطاياه من جسده».
(٢) «د»: «تكليف ومشقة وعناء محض».
(٣) أخرجه أبو داود (٢٤٨)، والترمذي (١٠٦)، وابن ماجه (٥٩٧) من حديث أبي هريرة، وفي إسناده الحارث بن وجيه، قال أبو داود: «حديثه منكر، وهو ضعيف»، وكذا ضعّفه الترمذي.
وفي الباب عن علي وعائشة وأنس وأبي أيوب، انظر: «البدر المنير» (٢/ ٥٧٥ - ٥٧٧).