للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مشروعًا، وما زال الأطفال تبعًا لأبويهم في الأمور الدنيوية، والحديث لم يقصد بيان هذه الأحكام، وإنما قصد بيان ما وُلِد عليه الأطفال من الفطرة.

فصل (١)

ومما ينبغي أن يُعلم أنه إذا قيل: وُلِد على الفطرة أو على الإسلام أو على هذه الملّة، أو خُلِق حنيفًا؛ فليس المراد به أنه حين خرج من بطن أمه يعلم هذا الدين ويريده، فإن الله يقول: {قَدِيرٌ (٧٧) وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا} [النحل: ٧٨]، ولكن فطرته موجِبة مقتضِية لدين الإسلام، لمعرفته (٢) ومحبته، فنفس الفطرة تستلزم الإقرار بخالقه ومحبته وإخلاص الدين له، وموجِبات الفطرة ومقتضياتها تحصل شيئًا بعد شيء، بحسب كمال الفطرة إذا سلمت من المعارض.

وليس المراد أيضًا مجرّد قبول الفطرة لذلك؛ فإن هذا القبول [لا] (٣) يُغيَّر بتهويد الأبوين وتنصيرهما، بحيث يُخْرِجان الفطرة عن قبولها، وإن سعيا بتربيتهما ودعائهما في امتناع حصول المقبول.

وأيضًا: فإنّ هذا القبول ليس هو الإسلام، وليس هو هذه الملّة، وليس هو الحنيفية.

وأيضًا: فإنه شبَّه تغيير الفطرة بجَدْع البهيمة الجَمْعاء، ومعلوم أنهم لم


(١) انظر: «درء التعارض» (٨/ ٣٨٣ - ٣٨٤).
(٢) «لمعرفته» غير مقروءة في «د»، والمثبت من مصدر المؤلف.
(٣) زيادة لازمة لإقامة السياق.