للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما يفعل به بغير اختياره يقال فيه: أصابك كقوله: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: ٣٠]، وقوله: {وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ} [التوبة: ٥٠]، وقوله: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} [آل عمران: ١٦٥]، فجمع الله في الآية بين ما أصابوه بفعلهم وكسبهم، وما أصابهم مما ليس فعلًا لهم، وقوله: {وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ} [التوبة: ٥٢]، وقوله: {وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ} [الرعد: ٣١]، وقوله: {فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ} [المائدة: ١٠٦].

فقوله تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ} [النساء: ٧٩] هو من هذا القسم، لا من القسم الذي يصيبه العبد باختياره، وهذا إجماع من السلف في تفسير هذه الآية.

قال أبو العالية: «{وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ}: هذا في السراء، {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ}: هذا في الضراء» (١).

وقال السُّدِّي: «الحسنة الخصب، تنتج مواشيهم وأنعامهم، ويحسن حالهم، وتلد نساؤهم الغلمان، قالوا: هذا من عند الله، {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ}، قال: الضرّ في أموالهم، تشاءموا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وقالوا: هذا من عنده، يقولون: بتركنا ديننا واتباعنا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أصابنا ما أصابنا، فأنزل الله تعالى ردًّا عليهم: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [النساء: ٧٨]: الحسنة والسيئة» (٢).


(١) أسنده الطبري (٧/ ٢٣٨)، وابن أبي حاتم (٣/ ١٠٠٨).
(٢) أسنده ابن أبي حاتم (٣/ ١٠٠٨) في ثلاثة أحاديث متفرقة.