للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن ذلك قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا يَقُولُوا تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (١٧٢) يَقُولُوا تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ} [الأعراف: ١٧٢ - ١٧٣]، فذكَر سبحانه من حِكَم أخذ الميثاق عليهم أن لا يحتجوا يوم القيامة بغفلتهم عن هذا الأمر، ولا بتقليد الأسلاف.

ومنه قوله تعالى: {وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ} [الأنعام: ٧٠]، فالضمير في «به» للقرآن و «أن تُبْسَل» في محلّ نصب على أنه مفعول له، أي: حِذارَ أن تسلم نفس إلى الهلكة والعذاب، وترتهن بسوء عملها.

فصل

النوع السادس: ذِكْر ما هو من صرائح التعليل، وهو: «من أجل»، كقوله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: ٣٢].

وقد ظنت طائفة أن قوله: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ} تعليل لقوله: {فَأَصْبَحَ مِنَ} [المائدة: ٣١]، أي: من أجل قتله لأخيه، وهذا ليس بشيء؛ لأنه يشوّش صحةَ النظم، وتقلُّ الفائدةُ بذكره، ويذهبُ شأنُ التعليل بذلك للكتابة (١) المذكورة، وتعظيم شأن القتل، حين (٢) جُعل علة لهذه الكتابة،


(١) «د» «م»: «الكتابة»، والمثبت من «ج» أقرب للمعنى.
(٢) «د» «م»: «حتى»، والمثبت من «ج»، والفقرة قلقة، وفي «البسيط» (٧/ ٣٤٧) عن ابن الأنباري: «مَنْ جعله مِنْ صلة الندم أسقط العلة للكتابة، ومَنْ جعله مِنْ صلة الكتابة لا يسقط معنى الندم؛ إذ قد تقدم ما كشف سببه، فكان هذا أولى»، وهو بنحوه في «الإيضاح» لابن الأنباري (٢/ ٦١٧ - ٦١٨).