للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكلمة هي قول: لا إله إلا الله، ثم كل كلمة يُتّقى الله بها بعدها فهي من كلمة التقوى، وقد أخبر سبحانه أنه ألزمها عباده المؤمنين، فجعلها لازمة لهم لا ينفكون عنها، فبإلزامه التزموها، ولولا إلزامه لهم إيّاها لما التزموها، والتزامها فعل اختياري تابع لإرادتهم واختيارهم، فهو المُلزِم وهم الملتزمون.

فصل

ومن ذلك قوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (١٩) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [المعارج: ١٩ - ٢١]، وهذا تفسير الهلوع، والهَلَع شدة الحرص الذي يترتب عليه الجزع والمنع، فأخبر سبحانه أنه خلق الإنسان كذلك، وذلك صريح في أن هَلَعه مخلوق لله، كما أن ذاته مخلوقة، فالإنسان بجملته ذاته وصفاته وأفعاله وأخلاقه مخلوق لله، ليس فيه شيء خَلْق لله وشيء خَلْق لغيره، بل الله خالق الإنسان بجملته وأحواله كلها، فالهَلَع فعله حقيقة، والله خالق ذلك فيه حقيقة، فليس الله سبحانه بهلوع، ولا العبد هو الخالق لذلك.

فصل

ومن ذلك قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} [يونس: ١٠٠]، وإذنه ههنا قضاؤه وقدره، لا مجرد أمره وشرعه، كذلك قال السلف في تفسير هذه الآية.

قال ابن المبارك، عن الثوري: "بقضاء الله" (١).


(١) أسنده الطبري (١٢/ ٣٠٠).